الشباب وفوضى المنشطات
صفحة 1 من اصل 1
الشباب وفوضى المنشطات
العضلات المفتولة والقدرة الذهنية والجسمية العالية حلم الكثيرين من الشباب
العضلات المفتولة والقدرة الذهنية والجسمية العالية حلم الكثيرين من الشباب، وبخاصة أن تلك السمات سالفة الذكر تُعتبر من أهم مظاهر تأكيد الرجولة لدى الكثيرين، ولكن السؤال الآن: ما هي الطريقة التي يفضلها الشباب عند ممارسة رياضة حمــل الأثقال؟ هــل الغـذاء السليم وممارسـة الرياضـة؟ أم تناول المنشطات للحصول على نتائج أسرع؟
بداية التقينا بمجموعة من الشباب:
مدحت عدلي ثانوية عامة، يقول: أهتم جداً بشكل عضلاتي، لذلك اذهب بصورة دورية «للجيم»، ولكنني أخاف من تناول أية أقراص من التي يتناولها زملائي، وأود أن أقول أيضاً إن ملابسنــا كشبــاب لم تعــد قميصاً وبنطلونــاً، بـل أصبحت «تي شيرت» و«جينز»، وكذلك أصبح الكثير من مظاهر حياتنا مواكبةً للموضة وبالتالي انتشار المنشطات بيننا.
ممدوح سامي متزوج، يقول: تزوجت منذ عام، ولم أنجب، وبعد الفحص الطبي اتضح أنني مصاب بضعف في القدرة الإنجابية نتيجة لأنني تعاطيت هرمونات ذكرية في أثناء ممارسة حمل الأثقال في فترة مراهقتي بصورة كبيرة.
محمد عبد الحميد ثانية تجارة، يقول: لجأت إلى تناول أدوية تساعدني على زيادة قدرتي على تحمل المجهود البدني الكبير الذي أقوم به في أثناء التمرين، ولكنني وجدت أنني أصبحت أكثر عنفاً وعصبية، بل وفقدت القدرة على أداء التمارين الرياضية دون أخذ تلك الأدوية، مما دفعني إلى الإقلاع عنها، ولا أنصح أحد بتجربتها.
عادل محمود ثالثة خدمة اجتماعية، يقول: لجأت لتناول أدوية تزيد من حجم عضلاتي حيث أنني ضعيف البنية الجسمانية، والتمارين الرياضية لن تظهر نتائج سريعة معي، ولكنني حتى مع تناول تلك الأدوية من خلال زملائي في الجيم، أصبحت عضلاتي أكثر حجماً من وضعها الطبيعي، ولكنني مازلت ضعيفاً أي أنها عضلات للرؤية فقط.
التقينا بالدكتور جورج فؤاد أخصائي الأمراض الجلدية والتناسلية، الذي قال: تناول الفرد للمنشطات التي تعمل على زيادة القدرة الجسمانية من خلال عضلات كبيرة الحجم وهمية الأثر، فإن تأثيرها على خلايا العضلة يقتصر على حبس الماء والأملاح داخل العضلات ليزداد حجمها دون نمو طبيعي لليف العضلي، أي تصبح العضلة كالبالون المملوء ماء، ذات ملمس طري سرعان ما ينتهي بانتهاء عمل المنشط، ومن يريد بناء عضلاته بشكل سليم لابد أن يعمل على بناء أليافه العضلية التي تؤدي بدورها فيما بعد إلى كبر حجم العضلة، وهذا يحتاج إلى فترة زمنية كبيرة يتخللها برنامج تمارين مدروس، ونظام غذائي يساعد الفرد على القيام بالمجهود العضلي المتوقع.
بالإضافة لتناول الفرد للأدوية المنشطة لقدراته الجنسية يؤدي إلى اختلال إنتاج الهرمونات الذكرية الطبيعية للجسم (التستيوسترون) حيث يركن الجسم الحصول عليها صناعياً، كما أنه يصاب بعقم أو ضعف القدرة الإنجابية، بصورة كبيرة يحتاج إلى سنوات لعلاجها، ولكنني أحياناً، ويشاركني الكثيرون من زملائي الأطباء، نقوم بإعطاء منشطات للمريض في حالات بعينها وبكيفية معينة. ولكن أخذها بلا هدف يؤدي إلى كوارث محققة.
أما الدكتور محمود لطفي أستاذ السموم بمركز السموم بجامعة عين شمس فقد أوضح لنا قائلاً: الشباب يهتمون جدّاً بشكل أجسامهم ويذهبون إلى الأندية الرياضية، وصالات الجيم لتكوين عضلاتهم، وأحياناً يريدون نتائج سريعة تحققها لهم الأدوية المنشطة والهرمونات الذكرية، دون أن يدركوا خطورة تعاطيها بشكل عشوائي، وبخاصة أن معلوماتهم عن تلك الأدوية من مصادر غير دقيقة، كالإنترنت والأحاديث المتداولة بينهم. ومثل تلك الأدوية المنشطة تحدث تأثيراً منبهاً للجهاز العصبي خلال النصف ساعة الأولى من التعاطي، ويستمر التأثير في بعض الأدوية لمدة أربع وعشرون ساعة، وتظهر الأعراض الدالة على مفعول المنشط في صورة نشاط زائد مفتعل ينتهي بعدم القدرة على النوم أو العصبية الزائدة، وكل ذلك يؤدي مع مرور الوقت وزيادة الجرعة المنشطة إلى تدهور الجهاز العصبي، وفقدان القدرة على التحصيل أو اتخاذ القرارات، وأحياناً فقدان الذاكرة.
وأود في النهاية أن أنصح الشباب بالبعد عن الأدوية أو الهرمونات الذكرية، فإذا كانوا يريدون تعاطيها فلابد لهم من الاستشارات الطبية، فهناك حالات لا تحتمل أي منشطات، فتصاب بارتفاع حاد في ضغط الدم، وزيادة ضربات القلب، وبالتالي الإصابة بتشنجات تنتهي بالوفاة.
الدكتور فيكتور سامي أستاذ الطب النفسي والأعصاب وعضو الجمعية الأمريكية للطب النفسي، يقول: المنشطات هي مواد شديدة التنبيه فهي تؤدي إلى حصول تواصل بين الخلايا التي تستقبل الإحساس في جذع المخ وترسلها للقشرة المخية، لذلك فهي تستخدم لتساعد على حدوث الانتباه والتركيز، ولكن قبل استخدام المنشطات المصرح بها لإحداث مثل هذا التأثير، لابد من عمل فحص إكلينيكي لتحديد المراكز الفاقدة للوعي والإحساس، وبالتالي تحديد الجرعة وطريقة ومدة العلاج.
أما بالنسبة للمواد المنشطة التي يستخدمها الشباب لزيادة قدراتهم الذهنية وبالتالي السهر والتركيز لمدة طويلة، فهي مواد سامة تؤدي إلى التعود والإدمان، وتدل على ضعف في شخصية متعاطيها، فهو غير قادر على بذل المجهود للوصول إلى هدفه، فيسعى إلى تحقيقه بسرعة دون إدراك خطورة هذه السرعة (في بناء العضلات). أما الأدوية التي يتعاطاها الشباب لزيادة التنبيه الذهني تصيبهم بعد ذلك بانهيارات عصبية شديدة الوطأة، نتيجة فقدان القدرة على النوم الطبيعي.
والتقينا برئيس الوحدة الإنتاجية بإحدى شركات الأدوية، وسألناه عن المنشطات وإنتاجها، فأوضح لنا قائلاً: المنشطات بالنسبة لنا كشركة أدوية، مثل أي عقار نقوم بإنتاجه - ولكن الذي يجعل من استخدام المنشطات فوضى مدمرة بين أوساط الشباب، هو التسيب والإهمال من قِبل بعض الصيادلة، وصرفهم لأدوية دون روشتة طبية بذلك - وبخاصة أن المنشطات عقار هوسي بالنسبة لكثيرين إذ يعتقد الشباب وبعض الرجال أن تلك المنشطات بها الحل لكل مشكلاتهم الجسمية والجنسية. أما المشكلة التي تسببها بعض شركات الأدوية المنتجة للمنشطات فهي الاحتكار لإنتاج منشط بعينه، وبالتالي التحكم في سعره والكمية المتداولة منه داخل السوق، وهذا بالطبع يؤدي إلى الكثير من المشكلات وبخاصة إذا كان العقار المنشط له استخدامات طبية واسعة النطاق.
إنتاج المنشطات مربح في الوقت الحالي أكثر من أي عقار طبي آخر، وذلك لعدة أسباب فرضتها الظروف المحيطة بمجتمعنا، حيث الرغبة في الحصول على نتائج سريعة (صقل الأجسام) تقليداً للقدوة الشبابية الآن، بل إن مقياس الرجولة لدى البعض أصبح بالقدرة الجنسية، وحجم العضلات وليس بأي شيء آخر، لذلك فعلاج تلك الأزمة والفوضى السائدة بين أوساط الشباب ليس منا كشركات أدوية، فدورنا هو الإنتاج وليس الرقابة على التوزيع، فذلك دور الصيادلة.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى